أحدث المقالات

الزيارة الليلية

الزيارة الليلية

 في إحدى الليالي الهادئة، قرر سامر البقاء وحده في المنزل الريفي القديم الذي ورثه عن جده. كان المنزل منعزلاً عن البلدة، محاطاً بالغابات الكثيفة. أحب سامر هذا المكان لأنه يتيح له الابتعاد عن صخب الحياة اليومية.
لكن في تلك الليلة، شعر سامر بشيء غريب. كان هناك هدوء غير طبيعي، وكأن الطبيعة تحبس أنفاسها. بينما كان جالساً في غرفة المعيشة يقرأ كتاباً، سمع صوت خطوات خفيفة قادمة من الطابق العلوي. رفع رأسه بسرعة ونظر حوله، لكن لم يكن هناك أحد. تجاهل الصوت واستمر في القراءة.
بعد بضع دقائق، تكرر الصوت مرة أخرى، هذه المرة أقرب. نهض سامر ببطء وتوجه نحو السلالم. عندما وصل إلى قمة السلالم، توقف ليستمع. كان الصوت يأتي من غرفة النوم الرئيسية. دفع الباب ببطء ليفتح، ولدهشته، لم يجد شيئاً غير عادي.
عندما استدار ليعود إلى الطابق السفلي، شعر بيد باردة تمسك بكتفه. تجمد في مكانه، وخفق قلبه بسرعة. استدار ببطء ليجد أمامه شبحاً شفافاً لامرأة ترتدي فستاناً قديماً. كانت ملامح وجهها مشوهة بشكل مخيف، وعيناها تحترقان بالغضب.
صرخت الشبح بصوت مخيف: "هذا بيتي! اخرج فوراً!" ثم اختفت فجأة. جرى سامر بسرعة إلى الخارج دون أن ينظر خلفه، ولم يعد إلى ذلك المنزل مرة أخرى.
بعد سنوات من الحادثة، لم يستطع سامر نسيان تلك الليلة المخيفة. كانت كوابيسه تزداد سوءًا، وكأنه مرتبط بذلك المنزل برباط خفي. قرر في نهاية المطاف مواجهة مخاوفه والعودة إلى المنزل الريفي ليفهم ما حدث.
جهز سامر نفسه بالمعدات الضرورية واستدعى صديقه كريم، الذي كان يهوى قصص الأشباح ويؤمن بالظواهر الخارقة. انطلقا معًا إلى المنزل، حيث وصلوا مع غروب الشمس. كانت الأجواء مشحونة بالخوف والترقب.
دخل سامر وكريم المنزل وأشعلوا المصابيح اليدوية. بدأت الظلال تتحرك بشكل مخيف مع كل حركة. قرروا البدء من غرفة النوم الرئيسية حيث ظهرت الشبح. عندما دخلوا الغرفة، لاحظ كريم وجود كتاب قديم مغبر على الطاولة. فتح الكتاب وبدأ في قراءته.
وجدوا أن الكتاب يتحدث عن تاريخ المنزل وأسرة جده. كانت هناك قصة عن امرأة تُدعى ليلى، عاشت في المنزل قبل عقود. وفقًا للكتاب، كانت ليلى متهمة بالسحر وتمت محاكمتها ظلماً من قبل سكان القرية. تم حبسها في المنزل حيث ماتت وحيدة ومظلومة.
فجأة، سمعوا نفس الصوت الخافت الذي سمعه سامر في الليلة السابقة. كانت الخطوات تقترب ببطء، وشعروا بالبرد يتسلل إلى أجسادهم. ظهرت الشبح مرة أخرى، لكن هذه المرة كانت ملامحها حزينة وليست غاضبة. نظرت إلى سامر وكريم وقالت بصوت مليء بالألم: "لم أجد الراحة منذ وفاتي. أحتاج إلى العدالة والاعتراف ببراءتي."
فهم سامر وكريم أن الروح تحتاج إلى تطهير سمعتها. قرروا البحث عن دليل يثبت براءة ليلى. بعد أيام من البحث في سجلات القرية، وجدوا وثائق تؤكد أن ليلى كانت بريئة وأنها ضحية لمؤامرة من بعض سكان القرية الذين كانوا يخافون من قوتها الروحية.
نظم سامر وكريم مراسم خاصة في المنزل لتكريم روح ليلى والاعتراف ببراءتها. أثناء المراسم، شعروا بطاقة دافئة تحيط بهم، ورأوا الشبح للمرة الأخيرة. كانت ليلى تبتسم بسلام، ثم تلاشت ببطء.
منذ ذلك اليوم، لم يعد المنزل مسكونًا. شعر سامر بالراحة والسلام الداخلي، وعاد إلى حياته الطبيعية. قرر أن يحول المنزل إلى مكان للاسترخاء والتأمل، مع الاحتفاظ بقصة ليلى كجزء من تاريخه الشخصي.

إرسال تعليق

مرحبا بكل الزائرين في المدونة 👋 اتمني ان تقرآ هذه السطور قبل التعليق حتي لايحذف تعليقك.. يمكن طرح الأسئلة 💬 التصرّف بتحضّر واحترام 😐 الالتزام بموضوع المقالة ✅

أحدث أقدم
header ads
header ads
header ads